إبراهيم باشا Admin
عدد المساهمات : 703 تاريخ التسجيل : 23/02/2013 الموقع : http://www.ansarsonna.com
| موضوع: زاد الداعية إلى الله { الزاد السادس: أن يكون قلب الداعية منشرحًا لمن خالفه } لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين الأحد أغسطس 23, 2015 9:45 pm | |
|
زاد الداعية إلى الله
{ الزاد السادس: أن يكون قلب الداعية منشرحًا لمن خالفه }
لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين
تصحيح لُغَوي ، وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا
* الزاد السادس: أن يكون قلب الداعية منشرحًا لمن خالفه،
لاسيما إذا علم أن الذي خالفه حسن النية ، وأنه لم يخالفه إلا بمقتضى قيام الدليل عنده،
فإنه ينبغي للإنسان أن يكون مرنًا في هذه الأمور، وأن لا يجعل من هذا الخلاف مثارًا للعداوة والبغضاء،
اللهم إلا رجل خالف معاندًا بحيث يبين له الحق ولكن يصر على باطله فإن هذا يجب أن يعامل بما يستحق أن يعامل به من التنفير عنه، وتحذير الناس منه؛ لأنه تبين عداوته حيث بين له الحق فلم يمتثل.
* وهناك مسائل فرعية يختلف فيها الناس وهي في الحقيقة مما وسع الله فيه على عباده ـ وأعني مسائل ليست من الأصول التي تبلغ إلى تكفير المخالف ـ فهذه مما وسع الله فيها على العباد وجعل الخطأ فيها واسعًا،
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد» .
فالمجتهد لا يخرج عن دائرة الأجر أبدًا فإما أجران إن أصاب، وإما أجر واحد إن أخطأ،
وإذا كنت لا تريد أن يخالفك غيرك فإن غيرك أيضًا يريد أن لا يخالفه أحد،
فكما أنك تريد أن يأخذ الناس بقولك، فالمخالفون لك يريدون أيضًا أن يأخذ الناس بقولهم،
والمرجع عند التنازع ما بيَّنه الله عز وجل في قوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} . (الشورى: 10) .
ويقول عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} . (النساء: 59) .
فيجب على كل المختلفين والمتنازعين أن يرجعوا إلى هذين الأصلين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم،
ولا يحل لأحد أن يعارض كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم بكلام أحد من البشر مهما كان،
فإذا تبين لك الحق فالواجب أن تضرب بقول من خالفه عرض الحائط، وأن لا تلتفت إليه مهما كانت منزلته من العلم والدين ؛ لأن البشر يخطىء لكن كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم ليس فيه خطأ.
* ويؤسفني أن أسمع عن قوم يعتبرون جادِّين في طلب الحق والوصول إليه ومع ذلك نجدهم متفرقين، لكل واحد منهم اسم معين أو وصف معين، وهذا في الحقيقة خطأ،
إن دين الله عز وجل واحد، وأمة الإسلام واحدة، يقول الله عز وجل: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} . (المؤمنون: 52) .
ويقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلّم: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} . (الأنعام: 159) .
وقال عز وجل: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} . (الشورى: 13) .
فإذا كان هذا توجيه الله عز وجل لنا فالواجب علينا أن نأخذ بهذا التوجيه، وأن نجتمع على بساط البحث، وأن يناقش بعضنا بعضًا على سبيل الإصلاح لا على سبيل الانتقاد أو الانتقام، فإن أي إنسان يجادل غيره ويحاج بقصد الانتصار لرأيه واحتقار رأي غيره، أو لقصد الانتقاد دون الإصلاح فإن الغالب أن يخرجوا على وجه لا يرضي الله ورسوله،
فالواجب علينا في مثل هذا الأمر أن نكون أمة واحدة،
وأنا لا أقول إنه لا يخطىء أحد، كلٌ يخطىء، ويصيب، ولكن الكلام في الطريق إلى إصلاح هذا الخطأ، ليس الطريق إلى إصلاح الخطأ أن أتكلم في غيبته وأقدح فيه، ولكن الطريق إلى إصلاحه، أن أجتمع به وأناقشه ،
فإذا تبين بعد ذلك أن الرجل مصرٌّ على عناده، وعلى ما هو عليه من باطل فحينئذ لي العذر ولي الحق بل يجب عليَّ أن أبين خطأه، وأن أحذر الناس من خطئه، وبهذا تصلح الأمور،
أما التفرُّق والتحزُّب فإن هذا لا تقر به عين أحد، إلا من كان عدوًّا للإسلام والمسلمين.
والله أسأل أن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يجعلنا من المتحاكمين إلى الله ورسوله، وأن يخلص لنا النية ويبين لنا ما خفي علينا من شريعته إنه جواد كريم.
والحمد لله رب العالمين وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
| |
|