إبراهيم باشا Admin
عدد المساهمات : 703 تاريخ التسجيل : 23/02/2013 الموقع : http://www.ansarsonna.com
| موضوع: زاد الداعية إلى الله { الزاد الأول : أن يكون الداعية على علم فيما يدعو إليه } لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين السبت سبتمبر 13, 2014 8:38 pm | |
|
زاد الداعية إلى الله { الزاد الأول : أن يكون الداعية على علم فيما يدعو إليه }
لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين
تصحيح لُغَوي ، وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا
* الزاد الأول : أن يكون الداعية على علم فيما يدعو إليه:
على علم صحيح مرتكز على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم؛
لأن كل علم يتلقى من سواهما فإنه يجب أن يعرض عليهما أولاً،
وبعد عرضه فإما أن يكون موافقًا أو مخالفًا. فإن كان موافقًا قُبل، وإن كان مخالفًا وجب رده على قائله كائنًا من كان،
فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر».
إذا كان هذا في قول أبي بكر وعمر الذي يُعارض به قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فما بالكم بقول من دونهما في العلم والتقوى والصحبة والخلافة؟!
إن ردَّ قوله إذا خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، من باب أولى،
ولقد قال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَـالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. (النور: 63).
قال الإمام أحمد رحمه الله: «أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك».
وإن أول زاد يتزود به الداعية إلى الله عز وجل أن يكون على علم مستمد من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، الصحيحة المقبولة،
وأما الدعوة بدون علم فإنها دعوة على جهل، والدعوة على الجهل ضررها أكبر من نفعها؛
لأن هذا الداعية قد نصب نفسه موجهًا ومرشدًا فإذا كان جاهلاً فإنه بذلك يكون ضالاً مضلاً والعياذ بالله، ويكون جهله هذا جهلاً مركبًا،
والجهل المركب أشد من الجهل البسيط، فالجهل البسيط يمسك صاحبه ولا يتكلم، ويمكن رفعه بالتعلم، ولكن المشكلة كل المشكلة في حال الجاهل المركب،
إن هذا الجاهل المركب لن يسكت بل سيتكلم ولو عن جهل وحينئذ يكون مدمرًا أكثر مما يكون منورًا.
* أيها الإخوة: إن الدعوة إلى الله على غير علم خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن اتبعه،
استمعوا إلى قول الله تعالى آمرًا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلّم، حيث قال: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }. (يوسف: 108).
فقال: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى }، أي أن من اتبعه، صلى الله عليه وسلّم، فإنه لابد أن يدعو إلى الله على بصيرة لا على جهل.
* وتـأمـل أيها الداعية لله قول الله تعالى: {عَلَى بَصِيرَةٍ } أي على بصيرة في ثلاثة أمور:
الأول: على بصيرة فيما يدعو إليه، بأن يكون عالمًا بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه؛ لأنه قد يدعو إلى شيء يظنه واجبًا، وهو في شرع الله غير واجب فيلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به،
وقد يدعو إلى ترك شيء يظنه محرمًا، وهو في دين الله غير محرم فيحرم على عباد الله ما أحله الله لهم.
الثاني: على بصيرة في حال الدعوة ، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلّم، معاذًا إلى اليمن قال له: «إنك ستأتي قومًا أهل كتاب»
أخرجة البخاري ، ومسلم .
ليعرف حالهم ويستعد لهم.
فلابد أن تعلم حال هذا المدعو ما مستواه العلمي؟ وما مستواه الجدلي؟ حتى تتأهب له فتناقشه وتجادله،
لأنك إذا دخلت مع مثل هذا في جدال وكان عليك لقوة جدله صار في هذا نكبة عظيمة على الحق وأنت سببها،
ولا تظن أن صاحب الباطل يخفق بكل حال فإن الرسول صلى الله عليه وسلّم، قال: «إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع»
رواه البخاري ، ومسلم .
فهذا يدل على أن المخاصم وإن كان مبطلاً قد يكون ألحن بحجته من آخر فيُقضى بحسب ما تكلم به هذا المخاصم
فلابد أن تكون عالمًا بحال المدعو.
الثالث: على بصيرة في كيفية الدعوة ، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَـدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ }. (النحل: 125).
* وبعض الناس قد يجد المنكر فيهجم عليه، ولا يفكر في العواقب الناتجة عن ذلك لا بالنسبة له وحده، ولكن بالنسبة له ولنظرائه من الدعاة إلى الحق،
لذا يجب على الداعية قبل أن يتحرك أن ينظر إلى النتائج ويقيس،
قد يكون في تلك الساعة ما يطفي لهيب غيرته فيما صنع، لكن سيخمد هذا الفعل نار غيرته وغيرة غيره في المستقبل، قد يكون في المستقبل القريب دون البعيد؛
لهذا أحث إخواني الدعاة على استعمال الحكمة والتأني، والأمر وإن تأخر قليلاً لكن العاقبة حميدة بمشيئة الله تعالى.
وإذا كان هذا أعني تزود الداعية بالعلم الصحيح المبني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، هو مدلول النصوص الشرعية ،
فإنه كذلك مدلول العقول الصريحة التي ليس فيها شبهات ولا شهوات؛
لأنك كيف تدعو إلى الله ـ عز وجل ـ وأنت لا تعلم الطريق الموصل إليه، لا تعلم شريعته ؟ كيف يصح أن تكون داعية؟!
فإذا لم يكن الإنسان ذا علم فإن الأولى به أن يتعلم أولاً، ثم يدعو ثانيًا.
قد يقول قائل: هل قولك هذا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «بلغوا عني ولو آية».
أخرجه البخاري .
فالجواب: لا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم، يقول: «بلغوا عني» إذن فلابد أن يكون ما نبلغه قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هذا هو ما نريده،
ولسنا عندما نقول إن الداعية محتاج إلى العلم لسنا نقول إنه لابد أن يبلغ شوطًا بعيدًا في العلم، ولكننا نقول لا يدعو إلا بما يعلم فقط ولا يتكلم بما لا يعلم.
* * *
| |
|