منتدى جماعة أنصار السنة ببورسعيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة
 
الرئيسيةصفحه1أحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Flag Counter
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» مطوية (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ)
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالثلاثاء أبريل 27, 2021 4:52 pm من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالخميس يونيو 25, 2020 9:17 am من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (ذَلِكَ رَبُّ العالمين)
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالثلاثاء يونيو 23, 2020 12:47 pm من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالثلاثاء يونيو 23, 2020 8:24 am من طرف عزمي ابراهيم عزيز

»  كتاب . * غاية المريد في علم التجويد * المؤلف / عطية قابل نصر .
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالأحد مايو 07, 2017 10:16 pm من طرف إبراهيم باشا

» ** كن متفائلًا **
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالسبت مايو 06, 2017 9:06 pm من طرف إبراهيم باشا

» * ما تعريف التوحيد ؟ وما أنواعه ؟ * لفضيلة الشيخ / ابن عثيمين .
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالثلاثاء مايو 02, 2017 9:47 pm من طرف إبراهيم باشا

» * ماذا تفعل المرأة إذا طهرت بعد الفجر مباشرة ، هل تمسك وتصوم هذا اليوم ؟ * لفضيلة الشيخ / ابن عثيمين .
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالأحد أبريل 23, 2017 10:28 pm من طرف إبراهيم باشا

» نحو خطوات فاعلة للداعية المسلمة .
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالسبت أبريل 22, 2017 9:58 pm من طرف إبراهيم باشا


 

 شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إبراهيم باشا
Admin
إبراهيم باشا


عدد المساهمات : 703
تاريخ التسجيل : 23/02/2013
الموقع : http://www.ansarsonna.com

شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Empty
مُساهمةموضوع: شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .   شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) .  شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . Emptyالأربعاء نوفمبر 23, 2016 8:10 pm





شرح أحاديث رياض الصالحين .
* باب المبادرة إلى الخيرات ، وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد * ( جزء 1 ) .

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .


تصحيح لُغَوي و تنسيق مقالٍ أ/ إبراهيم باشا .



قال الله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (البقرة: 148)


وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: 133) .




قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب المبادرة إلى الخيرات وحث من أقبل على الخير أن يتمه من غير تردد)

وهذا العنوان تضمن أمرين:


الأول: المبادرة والمسارعة إلى الخير.


والثاني: أن الإنسان إذا عزم على الشيء ـ وهو خير ـ فليمض فيه ولا يتردد.



أما الأول: فهو المبادرة،

وضد المبادرة التواني والكسل، وكم من إنسان توانى وكسل ؛ ففاته خير كثير،

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) .




فالإنسان ينبغي له أن يسارع في الخيرات،

كل ذكر له شيء من الخير بادر إليه، فمن ذلك الصلاة، والصدقة، والصوم، والحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، إلى غير ذلك من مسائل الخير التي ينبغي المسارعة إليها ؛ لأن الإنسان لا يدري، فربما يتوانى في الشيء ولا يقدر عليه بعد ذلك، إما بموت، أو مرض، أو فوات، أو غير هذا،

وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا أراد أحدكم الحج فليتعجل ؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة، وتعرض الحاجة) .
فقد يعرض له شيءٌ يمنعه من الفعل.

فسارع إلى الخير ولا تتوانى.



ثم ذكر المؤلف قول الله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ِ)

واستبقوها: يعني اسبقوا إليها،

وهو أبلغ من: سابقوا إلى الخيرات، فالاستباق معناه: أن الإنسان يسبق إلي الخير، ويكون من أول الناس في الخير، ومن المسابقة في الصفوف في الصلاة؛

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها)

وقال في النساء: (وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) .


ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقوامًا في مؤخرة المسجد؛ لم يسبقوا ولم يتقدموا، فقال: (لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) .

فانتهز الفرصة ، واسبق إلى الخير.


وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ... ) (آل عمران: 133، 134) .



قال: سارعوا إلى المغفرة والجنة.

أما المسارعة إلى المغفرة: فأن يسارع الإنسان إلى ما فيه مغفرة الذنوب؛ من الاستغفار، كقول: أستغفر الله، أو اللهم اغفر لي، أو اللهم إني أستغفرك، وما أشبه ذلك،

وكذلك أيضًا: الإسراع إلى ما فيه المغفرة، مثل الوضوء، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، فإن الإنسان إذا توضأ، فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين؛ فإنه تفتح له أبواب الجنة الثمانية؛ ويدخل من أيها شاء،



وكذلك إذا توضأ؛ فإن خطاياه تخرج من أعضاء وضوئه؛ مع آخر قطرة من قطر الماء، فهذه من أسباب المغفرة.


ومن أسباب المغفرة أيضًا: الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر،

الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر،

رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر،

فليسارع الإنسان إلى أسباب المغفرة.




الأمر الثاني : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) ،

وهذا يكون بفعل المأمورات، أي: أن تسارع للجنة بالعمل لها، ولا عمل للجنة إلا العمل الصالح،

هذا هو الذي يكون سببًا لدخول الجنة، فسارع إليه.


ثم بين الله هذه الجنة؛ بأن عرضها السماوات والأرض، وهذا يدل على سعتها وعظمها، وأنه لا يقدر قدرها إلا الله عز وجل.

فسارع إلى هذه الجنة بفعل ما يوصلك إليها من الأعمال الصالحة،



ثم قال الله عز وجل : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) يعني: هيئت لهم،

والذي أعدها لهم هو الله عز وجل، كما جاء في الحديث القدسي: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) .


ومن هم المتقون؟

قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (آل عمران: 134-136) .



هؤلاء هم المتقون: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ)

يعني: يبذلون أموالهم (فِي السَّرَّاءِ) ، يعني في حال الرخاء، وكثرة المال، والسرور، والانبساط، (وَالضَّرَّاءِ) يعني في حال ضيق العيش والانقباض.

ولكن لم يبين الله ـ سبحانه وتعالى ـ هنا مقدار، ولكنه بينه في آيات كثيرة،

فقال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (البقرة: 219) .
العفو: يعني ما زاد عن حاجاتكم وضروراتكم فأنفقوه،



وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان: 67) .

فهم ينفقون إنفاقًا ليس فيه إسراف ولا تقتير، وينفقون ـ أيضًا ـ العفو، أي: ما عفا وزاد عن حاجاتهم وضروراتهم.


(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) أي: الذين إذا اغتاظوا ـ أي اشتد غضبهم ـ كظموا غيظهم، ولم ينفذوه، وصبروا على هذا الكظم، و

هذا الكظم من أشد ما يكون على النفس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) .



الصرعة: يعني يصرع الناس، أي: يغلبهم في المصارعة،

فليس هذا هو الشديد، ولكن الشديد: هو الذي يملك نفسه عند الغضب؛ لأن الإنسان إذا غضب ثارت نفسه، فانتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، وصار يحب أن ينتقم، فإذا كظم الغيظ وهدأ، فإن ذلك من أسباب دخول الجنة.


واعلم أن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم؛ إذا أتاه ما يهزه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمنا بما يطفئ هذه الجمرة،

فمن ذلك: أن يتعوذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، فإذا أحس بالغضب ـ وأن الغضب سيغلبه ـ قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،

ومنها: أن يجلس إن كان قائمًا، ويضطجع إن كان قاعدًا، يعني: يضع نفسه، وينزلها من الأعلى إلى الأدنى، فإن كان قائمًا جلس، وإن كان جالسًا اضطجع،

ومنها: أن يتوضأ بتطهير أعضائه الأربعة؛ الوجه واليدين والرأس والرجلين، فإن هذا يطفئ الغضب،



فإذا أحسست بالغضب؛ فاستعمل هذا الذي أرشدك إليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يزول عنك، وإلا فكم من إنسان أي به غضبه إلى مفارقة أهله ،

فما أكثر الذين يقولون: أنا غضبت على زوجتي فطلقتها ثلاثًا، وربما يغضب ويضرب أولاده ضربًا مبرحًا، وربما يغضب ويكسر أوانيه، أو يشق ثيابه، أو ما أشبه ذلك مما يثيره الغضب،

ولهذا قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) مدحهم لأنهم ملكوا أنفسهم عند ثورة الغضب.


(وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) يعني الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم،

فإن من عفا وأصلح فأجره على الله،

وقد أطلق الله العفو هنا، ولكنه بين في قوله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى: 40) أن العفو لا يكون خيرًا إلا إذا كان فيه إصلاح،



فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك؛ لأنك إذا عفوت ازداد شره،

أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ، قليل العدوان، لكن الأمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو،



ومن ذلك حوادث السيارات التي كثرت، فإن بعض الناس يتسرع، ويعفو عن الجاني الذي حصل منه الحادث، وهذا ليس بالأحسن،

الأحسن أن تتأمل وتنظر: هل هذا السائق متهور ومستهتر ، لا يبالي بعباد الله ولا يبالي بالأنظمة ؟ فهذا لا ترحمه، خذ بحقك منه كاملًا ،

أما إذا كان إنسانًا معروفًا بالتأني، وخشية الله، والبعد عن أذية الخلق، والتزام النظام، ولكن هذا أمر حصل من فوات الحرص، فالعفو هنا أفضل؛ لأن الله قال: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)

فلابد من مراعاة الإصلاح عند العفو.



(وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) محبة الله ـ سبحانه وتعالى ـ للعبد هي غاية كل إنسان؛ فكل إنسان مؤمن غايته أن يحبه الله عز وجل، وهي المقصود لكل مؤمن؛ لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران: 31) ،

ولم يقل: اتبعوني تصدقوا فيما قلتم، بل عدل عن هذا إلى قوله (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ؛ لأن الشأن - كل الشأن ـ أن يحبك الله عز وجل،

أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أحبابه.


وأما المحسنون في قوله: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فالمراد بهم المحسنون في عبادة الله، والمحسنون إلى عباد الله.


والمحسنون في عبادة الله بين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ مرتبتهم في قوله حين سأله جبريل عن الإحسان فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) يعني: أن تعبد الله ـ سبحانه وتعالى ـ بقلب حاضر كأنك ترى ربك تريد الوصول إليه، فإن لم تفعل؛ فاعلم أن الله يراك، فاعبده خوفًا وخشية،

وهذه المرتبة دون المرتبة الأولى.

فالمرتبة الأولى: أن تعبد الله طلبًا ومحبة وشوقًا.


والثانية: أن تعبده هربًا وخوفًا وخشية.



أما الإحسان إلى عباد الله: فأن تعاملهم بما هو أحسن؛ في الكلام، والأفعال، والبذل، وكف الأذى، وغير ذلك،

حتى في القول ، فإنك تعاملهم بالأحسن، قال الله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء: 86) ، يعني: إن لم تفعلوا فتردوا بأحسن منها، فلا أقلُّ من أن تردوها؛



ولهذا قال كثير من العلماء: إذا قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله، قل: وعليكم السلام ورحمة الله. هذا أدنى شيء، فإن زدت: (وبركاته) فهو أفضل؛ لأن الله قال: بأحسن منها، فبدأ بالأحسن ثم قال: (أَوْ رُدُّوهَا) ،

كذلك إذا سلم عليك إنسان بصوت واضح بين؛ ترد عليه بصوت واضح بين على الأقل،



كثير من الناس ـ أو بعض الناس ـ إذا سلمت عليه رد عليك السلام بأنفه، حتى إنك تكاد لا تسمعه في رد السلام، وهذا غلط ؛ لأن هذا خلاف ما سلم عليك به، يسلم عليك بصوت واضح ثم ترد بأنفك ؟‍‍ هذا خلاف ما أمر الله به.


كذلك الإحسان بالفعل؛ مثل معونة الناس ومساعدتهم في أمورهم.

فإذا ساعدت إنسانًا فقد أحسنت إليه،

مساعدة بالمال، بالصدقة بالهدية، بالهبة ، وما أشبه ذلك هذا من الإحسان.



ومن الإحسان أيضًا: أنك إذا رأيت أخاك على ذنب؛ أن تبين له ذلك وتنهاه عنه؛ لأن هذا من أعظم الإحسان إليه،

قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: (أن تمنعه من الظلم) .



فإن منعك إياه من الظلم نصر له وإحسان إليه،



والمهم أنه ينبغي لك ـ في معاملة الناس ـ أن تستحضر هذه الآية: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فتحسن إليهم بقدر ما تستطيع.


(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذنُوبِهِم) (آل عمران: 135) .


(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً) الفاحشة: ما يستفحش من الذنوب، وهي كبائر الذنوب، مثل الزنا، شرب الخمر، وقتل النفس وما أشبهها، كل مل يستفحش فهو فاحشة

(أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بما دون الفاحشة من المعاصي الصغار ،

(ذَكَرُوا اللَّهَ) أي: ذكروا عظمته وذكروا عقابه، ثم ذكروا أيضًا رحمته وقبوله للتوبة وثوابها.
فهم يذكرون الله من وجهين:
الوجه الأول: من حيث العظمة، والعقوبة، والسلطان العظيم، فيوجلون ويخجلون ويستغفرون.

والثاني: من حيث الرحمة وقبول التوبة، فيرغبون في التوبة ويستغفرون الله ، ولهذا قال: (ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم) .

ومن أفضل ما يستغفر به سيد الاستغفار: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) .




قال الله تعالى: (ومن يغفر الذنوب إلا الله) يعني: لا أحد يغفر الذنوب إلا الله عز وجل .

لو أن الأمة كلها من أولها إلى آخرها، والجنة والملائكة اجتمعوا على أن يغفروا لك ذنبًا واحداً ما غفروه؛ لأنه لا يغفر الذنوب إلا الله عز وجل،

ولكننا نسأل الله المغفرة، لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان،

وأما أن يكون بيدنا أن نغفر، فلا يغفر الذنوب إلا الله.



قال تعالى: (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون َ) يعني: لم يستمروا على معاصيهم وظلمهم ، وهم يعلمون أنها معاصي وظلم،

وفي هذا دليل على أن الإصرار مع العلم أمره عظيم، حتى في صغائر الذنوب ،



ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أن الإنسان إذا أصر على الصغيرة صارت كبيرة.



ومن ذلك ما يفعله جهلة الناس اليوم من حلق اللحية، تجدهم يحلقون اللحية ويصرون على ذلك، ولا يرونها إلا زينة وجمالًا،

والحقيقة أنها شين، وأنها قبح ؛ لأن كل شيء ينتج عن المعصية فلا خير فيه، بل هو قبح،

وهؤلاء الذين يصرون على هذه المعصية ـ وإن كانت صغيرة ـ أخطئوا ؛ لأنها بالإصرار تنقلب كبيرة والعياذ بالله ؛ لأن الإنسان لا يبالي بما يفعل، تجده كل يوم، كلما أراد أن يخرج إلى السوق، أو إلى عمله؛ يذهب وينظر في المرآة، فإذا وجد شعرة واحدة قد برزت، تجده يسارع إلى حلقها وإزالتها،

نسأل الله العافية،

وهذا لا شك أنه معصية للرسول عليه الصلاة والسلام، وإن الإنسان ليخشى عليه من هذا الذنب أن يتدرج به الشيطان إلى ذنوب أكبر وأعظم.



قال الله تعالى: (أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) .


اللهم اجعلنا من هؤلاء العاملين واجعل جزاءنا ذلك يا رب العالمين.

* * *


وأما الأحاديث:


87 ـ فالأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا)

رواه مسلم.


قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما رواه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بادروا بالأعمال)

وبادروا: يعني أسرعوا إليها؛ والمراد الأعمال الصالحة؛ والعمل الصالح ما بني على أمرين:

الإخلاص لله،

والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،



وهذا تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله،



فالعمل الذي ليس بخالص ليس بصالح،

لو قام الإنسان يصلي ، ولكنه يرائي الناس بصلاته، فإن عمله لا يقبل؛ حتى لو أتى بشروط الصلاة، وأركانها، وواجباتها، وسننها، وطمأنينتها، وأصلحها إصلاحًا تامًّا في الظاهر، لكنها لا تقبل منه ؛ لأنها خالطها الشرك،



والذي يشرك بالله معه غيره لا يقبل الله عمله، كما في الحديث الصحيح ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك)

يعني إذا أحد شاركني؛ فأنا غني عن شركه، (من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) .



كذلك أيضًا: لو أن الإنسان أخلص في عمله، لكنه أتى ببدعة ما شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإن عمله لا يقبل حتى لو كان مخلصًا، حتى لو كان يبكي من الخشوع، فإنه لا ينفعه ذلك؛ لأن البدعة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ضلالة، فقال: (فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) .


ثم قال: (فتنًا كقطع الليل المظلم) أخبر أنه ستوجد فتن كقطع الليل المظلم ـ نعوذ بالله ـ يعني أنها مدلهمة مظلمة ، لا يرى فيها النور والعياذ بالله، ولا يدري الإنسان أين يذهب ، يكون حائرًا ما يدري أين المخرج،

أسأل الله أن يعيذنا من الفتن.


والفتن منها ما يكون من الشبهات، ومنها ما يكون من الشهوات،

ففتن الشبهات: كل فتنة مبنية على الجهل،

ومن ذلك ما حصل من أهل البدع الذين ابتدعوا في عقائدهم ما ليس من شريعة الله، أو أهل البدع الذين ابتدعوا في أقوالهم وأفعالهم ما ليس من شريعة الله،

فإن الإنسان قد يفتن ـ والعياذ بالله ـ فيضل عن الحق بسبب الشبهة.



ومن ذلك أيضًا: ما يحصل في المعاملات من الأمور المشتبهة التي هي واضحة في قلب الموقن، مشتبهة في قلب الضال والعياذ بالله، تجده يتعامل معاملة تبين أنها محرمة، لكن لما على قلبه من رين الذنوب ـ نسأل الله العافية ـ يشتبه عليه الأمر، فيزين له سوء عمله، ويظنه حسنًا، وقد قال الله في هؤلاء: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103، 104) ، فهؤلاء هم الأخسرون والعياذ بالله.


وتكون الفتن ـ أيضًا ـ من الشهوات، بمعنى أن الإنسان يعرف أن هذا حرام، ولكن لأن نفسه تدعوه إليه فلا يبالي النبي صلي الله عليه وسلم بل يفعل الحرام، ويعلم أن هذا واجب، لكن نفسه تدعوه للكسل فيترك هذا الواجب،



هذه فتنة شهوة، يعني فتنة إرادة، ومن ذلك أيضًا ـ بل من أعظم ما يكون ـ فتنة شهوة الزنا أو اللواط والعياذ بالله، وهذه من أضر ما يكون على هذه الأمة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ، وقال: (اتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) ،



ولدينا الآن ـ وفي مجتمعنا ـ من يدعو إلى هذه الرذيلة ـ والعياذ بالله ـ بأساليب ملتوية، يلتوون فيها بأسماء لا تمت إلى ما يقولون بصلة، لكنها وسيلة إلى ما يريدون؛ من تهتك لستر المرأة، وخروجها من بيتها لتشارك الرجل في أعماله، ويحصل بذلك الشر والبلاء،

ولكن نسأل الله أن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يسلط حكامنا عليهم؛ بإبعادهم عن كل ما يكون سببًا للشر والفساد في هذه البلاد،

ونسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفق لحكامنا بطانة صالحة؛ تدلهم على الخير، وتحثهم عليه.



إن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وهي أعظم فتنة، وهناك أناس الآن يحيكون كل حياكة من أجل أن يهدروا كرامة المرأة، من أجل أن يجعلوها كالصورة، كالدمى، مجرد شهوة وزهرة يتمتع بها الفساق والسفلاء من الناس، ينظرون إلى وجهها كل حين وكل ساعة والعياذ بالله،

ولكن ـ بحول الله ـ أن دعاء المسلمين سوف يحيط بهم، وسوف يكبتهم ويردهم على أعقابهم خائبين، وسوف تكون المرأة السعودية ـ بل المرأة في كل مكان من بلاد الإسلام ـ محترمة مصونة، حيث وضعها الله عز وجل.



المهم أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ حذرنا من هذه الفتن التي هي كقطع الليل المظلم، يصبح الإنسان مؤمنًا ويمسي كافرًا، والعياذ بالله.

يوم واحد يرتد عن الإسلام، يخرج من الدين، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا.

نسأل الله العافية.

لماذا؟

(يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا) ولا تظن أن العرض من الدنيا هو المال، كل متاع الدنيا عرض، سواء مال، أو جاه أو رئاسة، أو نساء، أو غير ذلك، كل ما في الدنيا من متاع فإنه عرض، كما قال تعالى: (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ) (النساء: 94) فما في الدنيا كله عرض.



فهؤلاء الذين يصبحون مؤمنين ويمسون كفارًا، أو يمسون مؤمنين ويصبحون كفارًا، كلهم يبيعون دينهم بعرض من الدنيا،

نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن.

واستعيذوا دائمًا يا إخواني من الفتن،

وما أعظم ما أمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (إذا تشهد أحدكم ـ يعني التشهد الأخير ـ فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)

نسأل الله أن يثيبنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

* * *




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ansarsonna.com
 
شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات * ( جزء 1 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات ، وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد * ( جزء 2 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
» شرح أحاديث رياض الصالحين . * باب المبادرة إلى الخيرات ، وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد * ( جزء 3 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين . تصحيح لُغَوي و تنسيق مقالٍ أ/ إبراهيم باشا .
»  شرح أحاديث رياض الصالحين . باب المراقَبة ( جزء 4 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
» شرح أحاديث رياض الصالحين . باب المراقَبة ( جزء 5 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
» شرح أحاديث رياض الصالحين . باب المراقَبة ( جزء 6 ) . شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى جماعة أنصار السنة ببورسعيد :: العلوم الشرعية :: منتدى الأحاديث النبوية-
انتقل الى: