إبراهيم باشا Admin
عدد المساهمات : 703 تاريخ التسجيل : 23/02/2013 الموقع : http://www.ansarsonna.com
| موضوع: ** صفة الوضوء ، ونواقض الوضوء ** لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين الإثنين نوفمبر 03, 2014 7:35 pm | |
|
** صفة الوضوء ، ونواقض الوضوء **
لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين
تصحيح لغوي وتنسيق مقال / إبراهيم باشا
صفة الوضوء
صفة الوضوء الشرعي على وجهين:
الوجه الأول: صفة واجبة لا يصح الوضوء إلا بها ،
وهي المذكورة في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: 6)،
فهي غسل الوجه مرة واحدة ، ومنه أي غسل الوجه المضمضة والاستنشاق،
وغسل اليدين إلى المرافق من أطراف الأصابع إلى المرافق مرة واحدة،
ومسح الرأس مرة واحدة ، ومنه أي من الرأس الأذنان وغسل الرجلين إلى الكعبين مرة واحدة ،
هذه هي الصفة الواجبة التي لابد منها.
أما الوجه الثاني من صفة الوضوء: فهي الصفة المستحبة
ونسوقها الآن بمعونة الله ، فهي أن يسمي الإنسان عند وضوئه ،
ويغسل كفيه ثلاث مرات ،
ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بثلاث غرفات ،
ثم يغسل وجهه ثلاثًا ،
ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثًا ثلاثًا ، يبدأ باليمنى ثم باليسرى ،
ثم يمسح رأسه مرة واحدة ، يبدأ بمقدمه حتى يصل إلى مؤخره ، ثم يرجع حتى يصل إلى مقدمه،
ثم يمسح أذنيه، فيدخل سبابته في صماخيهما، ويمسح بإبهامه ظاهرهما ،
ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ثلاثًا ، يبدأ باليمنى ثم باليسرى،
ثم يقول بعد ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ،
فإنه إذا فعل ذلك فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .
هكذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله عمر رضي الله عنه حديث: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل أيها شاء".
و بالنسبة للأذنين ، لا يلزم أخذ ماء جديد للأذنين، بل ولا يستحب ؛
لأن جميع الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا أنه كان يأخذ ماء جديدًا لأذنيه ،
فالأفضل أن يمسح أذنيه ببقية البلل الذي بقي بعد مسح رأسه.
نواقض الوضوء
قبل أن نذكر نواقض الوضوء ، أحب أن أنبه إلى مسألة تخفى على كثير من الناس ، وهي ك
أن بعض الناس يظنون أن الاستنجاء أو الاستجمار من فروض الوضوء،
فتجدهم يسألون كثيرًا عن الرجل ينقض الوضوء في أول النهار ، ثم يؤذن أذان الظهر وهو لم ينقض وضوءه بعد ، وهو لم يتوضأ حين نقض وضوءه أولاً ،
فيقول : إذا أذن الظهر هل أغسل فرجي مرة ثانية أو لا
فنقول : لا تغسل فرجك، لأن غسل الفرج إنما هو لتطهيره من النجاسة عند البول أو الغائط،
فإذا لم يحصل ذلك بعد التطهير الأول ، فإنه لا يطهر ،
وحينئذ نعرف أنه لا علاقة بين الاستنجاء الذي هو غسل الفرج مما تلوث به من النجاسة ، وبين الوضوء،
وهذه مسألة أحب أن يتنبه لها .
أما ما يتعلق بنواقض الوضوء : وهي مفسداته ومبطلاته، فنذكر منها :
الغائط ، والبول ، والريح ، والنوم ، وأكل لحم الجزور .
فأما الغائط والبول والنوم فقد دل عليها حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ننزع خفافنا إذا كنا سفرًا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من غائط وبول ونوم"
أخرجه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأحمد في "المسند" وقال الترمذي : حسن صحيح.
وهذا تؤيده الآية الكريمة في الغائط حيث قال الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) (النساء:43).
وأما الريح : فلما جاء في حديث عبد الله بن زيد وأبي هريرة رضي الله عنهما ، فيمن أشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ينصرف أوْ لا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا " أخرجه البخاري ، ومسلم .
وهذا دليل على أن الريح ناقض للوضوء ،
فهذه أربعة أشياء : البول، والغائط ، والريح ، والنوم.
ولكن النوم لا ينقض الوضوء إلا إذا كان عميقًا ، بحيث يستغرق النائم فيه، فلا يعلم عن نفسه لو خرج منه شيء ؛ لأن النوم مظنة الحدث، وليس حدثًا في نفسه،
فإذا نعس الإنسان في صلاته أو خارج صلاته ، ولكنه يعي نفسه لو أحدث لأحس بذلك ، فإنه لا ينتقض وضوءه ولو طال نعاسه ، ولو كان متكئًا أو مستندًا أو مضطجعًا ؛
لأن المدار ليس على الهيئة، ولكن المدار على الإحساس واليقظة ،
فإذا كان هذا الناعس يحس بنفسه لو أحدث ، فإن وضوءه باق ولو كان متكئًا أو مستندًا أو مضطجعًا ، وما أشبه ذلك.
وأما الخامس من نواقض الوضوء : فهو أكل لحم الإبل : لأن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه سئل : نتوضأ من لحوم الإبل؟ قال : نعم ، وسئل عن الوضوء من لحم الغنم ؟ قال " إن شئت" أخرجه مسلم.
فإجابته بنعم في لحم الإبل ، وبأن شئت في لحم الغنم ، دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس راجعًا إلى مشيئته، بل هو أمر مفروض عليه ،
ولو لم يكن مفروضًا لكان راجعًا إلى المشيئة ،
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم "إنه أمره بالوضوء من لحم الإبل" أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وأحمد في المسند ، وصححه الألباني في الإرواء .
وعلى هذا فإذا أكل الإنسان لحم إبل انتقض وضوءه ، سواء كان الأكل كثيرًا أم قليلاً ،
وسواء كان اللحم نيئًا أو مطبوخًا ،
وسواء كان اللحم من اللحم الأحمر الهبر أو من الأمعاء ، أو من الكرش ، أو من الكبد ، أو من القلب ، أو من أي شيء كان من أجزاء البدن ؛
لأن الحديث عام لم يفرق بين لحم وآخر،
والعموم في لحم الإبل كالعموم في لحم الخنزير، حين قال الله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ )(المائدة: 3)،
فإن لحم الخنزير هنا يشمل كل أجزاء بدنه ،
وهكذا لحم الإبل الذي سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء منه ، يشمل جميع أجزاء البدن ،
وليس في الشريعة الإسلامية جسد واحد تختلف أحكامه، فيكون جزء منه له حكم وجزء منه له حكم آخر ، بل الجسم كله تتفق أجزاؤه في الحكم ،
ولا سيما على القول بأن نقض الوضوء بلحم الإبل علته معلومة لنا ، وليس تعبدًا محضًا.
وعلى هذا فمن أكل لحم إبل من أي جزء من أجزاء البدن وهو على وضوء ، وجب عليه أن يجدد وضوءه ،
ثم اعلم أن الإنسان إذا كان على وضوء ، ثم شك في وجود الناقض ، بأن شك هل خرج منه بول أو ريح ، أو شك في اللحم الذي أكله ، هل هو لحم إبل أو لحم غنم ، فإنه لا وضوء عليه ؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل، يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: " لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"،
يعني حتى يتيقن ذلك ، ويدركه بحواسه إدراكًَا معلومًا لا شبهة فيه ،
ولأن الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه حتى نعلم زواله ، فالأصل أن الوضوء باق حتى نعلم زواله وانتقاضه.
و بالنسبة للنوم ، ليس هناك فرق بين نوم الليل والنهار ؛ لأن العلة واحدة وهي زوال الإحساس ، وكون الإنسان لا يحس بنفسه لو خرج منه شيء .
| |
|