منتدى جماعة أنصار السنة ببورسعيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي على مذهب أهل السنة والجماعة
 
الرئيسيةصفحه1أحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Flag Counter
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» مطوية (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ)
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالثلاثاء أبريل 27, 2021 4:52 pm من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالخميس يونيو 25, 2020 9:17 am من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (ذَلِكَ رَبُّ العالمين)
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالثلاثاء يونيو 23, 2020 12:47 pm من طرف عزمي ابراهيم عزيز

» مطوية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالثلاثاء يونيو 23, 2020 8:24 am من طرف عزمي ابراهيم عزيز

»  كتاب . * غاية المريد في علم التجويد * المؤلف / عطية قابل نصر .
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالأحد مايو 07, 2017 10:16 pm من طرف إبراهيم باشا

» ** كن متفائلًا **
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالسبت مايو 06, 2017 9:06 pm من طرف إبراهيم باشا

» * ما تعريف التوحيد ؟ وما أنواعه ؟ * لفضيلة الشيخ / ابن عثيمين .
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالثلاثاء مايو 02, 2017 9:47 pm من طرف إبراهيم باشا

» * ماذا تفعل المرأة إذا طهرت بعد الفجر مباشرة ، هل تمسك وتصوم هذا اليوم ؟ * لفضيلة الشيخ / ابن عثيمين .
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالأحد أبريل 23, 2017 10:28 pm من طرف إبراهيم باشا

» نحو خطوات فاعلة للداعية المسلمة .
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالسبت أبريل 22, 2017 9:58 pm من طرف إبراهيم باشا


 

 تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 4 )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إبراهيم باشا
Admin
إبراهيم باشا


عدد المساهمات : 703
تاريخ التسجيل : 23/02/2013
الموقع : http://www.ansarsonna.com

تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Empty
مُساهمةموضوع: تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 4 )   تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) Emptyالسبت يناير 17, 2015 7:55 pm




تكملة
شرح أحاديث رياض الصالحين
باب الصَّـبْــر ( جـزء 4 )

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين


تصحيح لُغَوي و تنسيق مقالٍ / إبراهيم باشا





47 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كظم غيظًا، وهو قادر على أن يُنْفِذَه، دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يُخيِّره من الحور العين ما شاء))، أخرجه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن غريب، وابن ماجه، والإمام أحمد في المسند، وحسنه الألباني في صحيح الجامع .
48 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني ، قال: ((لا تغضب)) فردَّدَ مرارًا، قال ((لا تغضب))، أخرجه البخاري .
49 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة))، أخرجه الترمذي، وأحمد، وقال الترمذي: حسن صحيح.

الشرح :

هذه الأحاديث في باب الصبر تدل على فضيلة الصبر .
أما الحديث الأول: حديث معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة))، الغيظ: هو الغضب الشديد، والإنسان الغاضب هو الذي يتصوَّر نفسه أنه قادر على أن ينفذ ؛ لأن من لا يستطيع لا يغضب، ولكنه يحزن، ولهذا يوصف الله بالغضب ولا يوصف بالحزن ؛ لأن الحزن نقص، والغضب في محله كمال، فإذا اغتاظ الإنسان من شخص وهو قادر على أن يفتك به، ولكنه ترك ذلك ابتغاء وجه الله، وصبرًا على ما حصل له من أسباب الغيظ، فله هذا الثواب العظيم أنه يُدعى على رؤوس الخلائق يوم القيامة ويخيَّر من أي الحور شاء .

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، أوصني، قال: ((لا تغضب)) فردد مررًا فقال: ((لا تغضب)) فقد سبق الكلام عليه .

والحديث الثالث فهو أيضًا دليل على أن الإنسان إذا صبر واحتسب الأجر عند الله كفَّرَ الله عنه سيئاته، وإذا أُصيب الإنسان ببلاء في نفسه أو ولده أو ماله، ثم صبر على ذلك، فإن الله - سبحانه وتعالى - لا يزال يبتليه بهذا حتى لا يكون عليه خطيئة .
ففيه دليل على أن المصائب في النفس والولد والمال تكون كفارة للإنسان، حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة، ولكن هذا إذا صبر، أما إذا تسخَّط فإن من تسخط فله السخط . والله الموفق .

* * *

50 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهم- قال: قدم عُيينَة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يُدْنيهم عمر رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر - رضي الله عنه - ومشاوَرتِهِ، كهولاً كانوا أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذنْ لي عليه، فاستأذنَ، فأذن له عمر، فلما دخل قال: هيه يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل، فغضب عمر - رضي الله عنه - حتى هم أن يوقعَ به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:199]، وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها، وكان وقَّافًا عند كتاب الله تعالى . أخرجه البخاري .

الشرح :

ما زال المؤلف - رحمه الله - يأتي بالأحاديث الدالة على الصبر وكظم الغيظ، فذكر هذا الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمير المؤمنين، وثالث رجل في هذه الأمة الإسلامية، بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وبعد الخليفة الأول، فعمر هو الخليفة الثاني، وكان قد اشتُهِرَ بالعدل بين الرعية، وبالتواضع للحق، حتى أن المرأة ربما تُذكِّرهُ بالآية في كتاب الله فيقف عندها ولا يتجاوزها، فقد قدم عليه عيينة بن حصن - وكان من كبار قومه - فقال له: هيه يا ابن الخطاب . هذه كلمة استنكار وتلوُّم . وقال له : إنك لا تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل .

انظر إلى هذا الرجل يتكلم على هذا الخليفة المشهور بالعدل بهذا الكلام، مع أن عمر كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ((كان جلساؤه القراء))، القُرَّاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم جلساؤه، سواء كانوا شيوخًا أو كهولاً أو شبابًا، يشاورهم ويدنيهم، وهكذا ينبغي لكل أمير أو خليفة أن يكون جلساؤه الصالحين ؛ لأنه إن قُيِّضَ له جلساء غير صالحين هلك وأهلك الأمة، وإن يسَّر الله له جلساء صالحين نفع الله به الأمة .

فالواجب على ولي الأمر أن يختار من الجلساء أهل العلم والإيمان .

وكان الصحابة - رضي الله عنهم - القُرَّاء منهم هم أهل العلم ؛ لأنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل .
لما قال الرجل هذا الكلام لعمر: إنك لا تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل، غَضِبَ - رضي الله عنه - غضبًا حتى كاد أن يهمَّ به، أي: يضر به أو يبطش به، ولكن ابن أخي عيينة الحر بن قيس قال له: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:199]، وإن هذا من الجاهلين .
فوقف عندها عمر ولم يتجاوزها ؛ لأنه كان وقَّافًا عند كتاب الله - رضي الله عنه وأرضاه - فوقف، وما ضرب الرجل وما بطش به ؛ لأجل الآية التي تليت عليه .

وانظر إلى أدب الصحابة - رضي الله عنهم عند كتاب الله، لا يتجاوزونه، إذا قيل لهم هذا قول الله وقفوا مهما كان .
فقوله تعالى ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ أي: خذ ما عفا من الناس وما تيسَّر، ولا تطلب حقك كله ؛ لأنه لا يحصل لك، فخذ منهم ما عفا وسهل .
وقوله : ﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ أي: اأمر بما عرفه الشرع وعرفه الناس، ولا تأمر بمنكر، ولا بغير العرف ؛ لأن الأمور ثلاثة أقسام :
1 - منكر يجب النهي عنه ، 2 - وعرف يؤمر به .

3 - وما ليس بهذا ولا بهذا فإنه يسكت عنه .

ولكن على سبيل النصيحة ينبغي للإنسان ألا يقول إلا قولاً فيه خير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ))، أخرجه البخاري، ومسلم .
وأما لقوله: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾، فالمعنى: أن من جهل عليك وتطاول عليك فأعرض عنه لاسيما إذا كان إعراضك ليس ذُلاً وخُنوعًا، مثل عمر بن الخطاب إعراضه ليس ذُلاًّ ولا خنوعًا، فهو قادر على أن يبطش بالرجل الذي تكلم، لكن امتثل هذا الأمر وأعرض عن الجاهلين .
والجهل له معنيان : أحدهما: عدم العلم بالشيء، والثاني: السفه والتطاول .

ومنه قول الشاعر الجاهلي:
ألا لا يجهَلَـنْ أحـدٌ علينــا فَنَجْهَـل فوق جَهْـل الجـاهِلينـا

أي: لا يسفَهْ علينا أحد ويتطاول علينا فنكون أشدَّ منه، لكن هذا شعر جاهلي ! أما الأدب الإسلامي فإن الله تعالى يقول: ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت:34] ،
سبحان الله ! إنسان بينك وبينه عداوة أساء إليك، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا دفعت بالتي هي أحسن ففورًا يأتيك الثواب والجزاء: ﴿أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾[فصلت:34]، وقوله ﴿وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ أي: قريب صديق في غاية ما يكون من الصداقة والقرب، والذي يقول هو الله عز وجل مُقَلِّبُ القلوب، ما من قلب من قلوب بني آدم إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يُصَرِّفه كيف يشاء، فهذا الذي كان عدوًّا لك ودافعته بالتي هي أحسن، فإنه ينقلب بدل العداوة صداقة (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) .
فالحاصل أن هذه الآية الكريمة ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:199]، لما تليت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وقف ولم يبطش بالرجل، ولم يأخذه على جهله .
فينبغي لنا إذا حصلت مثل هذه الأمور، كالغضب والغيظ، أن نتذكر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن نسير على هديهما، حتى لا نضلَّ، فإن من تمسك بهدي الله فإن الله يقول: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾ [طـه:123] ، والله الموفق.

* * *

51 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها !‍ قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا، قال: تؤدُّون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم))، أخرجه البخاري، ومسلم .

(( والأثرة )): الانفراد بالشيء عمن له فيه حقٌ.

52 - وعن أبي يحيى أُسيد بن حضير - رضي الله عنه - أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملت فلانًا ؟ فقال: ((إنكم ستلقون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض))، أخرجه البخاري، ومسلم .

(( وأُسَيْدٌ )) بضم الهمزة ، (( وحُضَيْرٌ )) بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة ، والله أعلم.

الشرح :

هذان الحديثان: حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وحديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ذكرهما المؤلف في باب الصبر ؛ لأنهما يدلان على ذلك .
أما حديث عبد الله بن مسعود، فأخبر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها ستكون بعدي أثرة))، والأثرة يعني: الاستئثار بالشيء عمن له فيه حق .
يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أنه سيستولي على المسلمين وُلاةٌ يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاؤوا ويمنعون المسلمين حقَّهم فيها، وهذه أثرة وظلم الولاة، أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق، ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين، ولكن قالوا: ما تأمرنا ؟ قال: ((تُؤدُّون الحق الذي عليكم))، يعني: لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم، بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوهم الأمر الذي أعطاهم الله ((وتسألون الله الذي لكم))، أي: اسألوا الحق الذي لكم من الله، أي: اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم، وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ علمَ أن النفوس شحيحة، وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم، ولكنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير، وذلك بأن نؤدِّي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة وعدم منازعة الأمر وغير ذلك، ونسأل الله الذي لنا، وذلك إذا قلنا: اللهم اهدهم حتى يعطونا حقنا، كان في هذا خير من جهتين .

وفيه دليل على نبوَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أخبر بأمر وقع، فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون المال، فنجدهم يأكلون إسرافًا، ويشربون إسرافًا، ويلبسون إسرافًا، ويسكنون ويركبون إسرافًا، وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة، ولكن هذا لا يعني أن ننزع يدًا من طاعة، أو أن نُنابِذَهم، بل نسأل الله الذي لنا، ونقوم بالحق الذي علينا .

وفيه ـ أيضًا ـ استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة، فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرَّعيَّة يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها، ولكن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمر بالصبر على هذا، وأن نقوم بما يجب علينا، ونسأل الله الذي لنا .
أما حديث أسيد بن حضير ـ رضي الله عنه ـ فهو كحديث عبد الله بن مسعود أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ((إنها ستكون أثرة))، ولكنه قال: ((اصبروا حتى تلقوني على الحوض))، يعني: اصبروا ولا تنابذوا الولاة أمرهم حتى تلقوني على الحوض، يعني أنكم إذا صبرتم فإن من جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيَكم من حوضه، حوض النبى صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلنا جميعًا ممن يرده ويشرب منه، هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه ؛ لأنه في ذلك المكان وفي ذلك الزمان، في يوم الآخرة يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء، فيَرِدونَ حوض النبي صلى الله عليه وسلم، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، يصب عليه ميزابان من الكوثر، وهو نهر في الجنة أُعْطِيَهَ النبي صلى الله عليه وسلم، يصبَّان عليه ماء، أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، وفيه أوان كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة، من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدًا، اللهم اجعلنا ممن يشرب منه .

فأرشده النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى أن يصبروا ولو وجدوا الأثرة، فإن صبرهم على ظلم الولاة من أسباب الورود على الحوض والشرب منه .

وفي هذين الحديثين : حث على الصبر على استئثار ولاة الأمور في حقوق الرعية، ولكن يجب أن نعلم أن الناس كما يكونون يُوَلَّى عليهم، إذا أساؤوا فيما بينهم وبين الله فإن الله يُسَلِّط عليهم ولاتهم، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام:129]، فإذا صلحت الرعية يَسَّرَ الله لهم ولاة صالحين، وإذا كانوا بالعكس كان الأمر بالعكس .

ـ ويذكر أن رجلاً من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وقال له : يا علي، ما بال الناس انتقضوا عليك ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال له: إن رجال أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أنا وأمثالي، أما أنا فكان رجالي أنت وأمثالك، أي: ممن لا خير فيه، فصار سببًا في تسلُّط الناس وتفرقهم على علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وخروجهم عليه ، حتى قتلوه رضي الله عنه .
ـ ويذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه، فجمع أشراف الناس ووُجَهاءهم وكلَّمهم ـ وأظنه عبد الملك بن مروان ـ وقال لهم: أيها الناس، أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر ؟ قالوا: نعم ، قال إذا كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر ! فالله سبحانه وتعالى حكيم، يولي على الناس من يكون بحسب أعمالهم، إن أساؤوا فإنه يُساء إليهم، وإن أحسنوا أحسن إليهم .
ولكن مع ذلك لاشك أن صلاح الراعي هو الأصل، وأنه إذا صلُحَ الراعي صلحت الرعية ؛ لأن الراعي له سلطة يستطيع أن يُعَدِّلَ من مَالَ، وأن يُؤدِّب من عالَ وجَار . والله الموفق.

* * *

53 ـ وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أَوْفَى ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لَقِيَ فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس، ثم قام فيهم فقال: ((يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)).
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم مُنزل الكتاب، ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم))، أخرجه البخاري، ومسلم .

الشرح :

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض غزواته، فانتظر حتى مالت الشمس، أي: زالت الشمس، وذلك من أجل تُقبِلَ البرودة ويكثر الظل وينشط الناس، فانتظر حتى مالت الشمس قام فيهم خطيبًا، وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس خطبًا دائمة ثابتة كخطبة يوم الجمعة، وخطبًا عارضة إذا دعت الحاجة إليها قام فخطب ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهذه كثيرة جدًا، فقال في جملة ما قال: ((لا تتمنوا لقاء العدو))، أي: لا ينبغي للإنسان أن يتمنى لقاء العدو ويقول: اللهم ألقني عدوي، ((واسألوا الله العافية))، قل: اللهم عافنا، ((فإذا لقيتموهم)) وابتليتم بذلك ((فاصبروا))،
هذا هو الشاهد من الحديث، أي : اصبروا على مُقاتَلَتِهم واستعينوا بالله عز وجل، وقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، ((واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) نسأل الله من فضله، فالجنة تحت ظلال السيوف التي يحملها المجاهد في سبيل الله ؛ لأن المجاهد في سبيل الله إذا قُتل صار من أهل الجنة، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169ـ 171].

والشهيد إذا قُتل في سبيل الله فإنه لا يحسُّ بالطعنة أو بالضربة، كأنها ليست بشيء، ما يحسُّ إلا أن روحه تخرج من الدنيا إلى نعيم دائم أبدًا، نسألك اللهم من فضلك، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف )) .
وكان من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أنس بن النضر، قال: (( إنِّي لأجد ريح الجنة دون أُحد))
أخرجه البخاري، ومسلم .

انظر كيف فتح الله مشامَّه حتى شم ريح الجنة حقيقة دون أحد، ثم قاتل حتى قُتل ـ رضي الله عنه ـ فوجِدَ فيه بضع وثمانون ضربة ما بين سيف، ورمح، وسهم، وغير ذلك، فقُتل شهيدًا رضي الله عنه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((اللهم مُنزل الكتاب، ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم))، وهذا دعاء ينبغي للمجاهد أن يدعو به إذا لقي العدو.

فهنا توسَّل النبي- عليه الصلاة والسلام- بالآيات الشرعية والآيات الكونية، توسل بإنزال الكتاب وهو القرآن الكريم، أو يشمل كل كتاب، ويكون المراد به الجنس، أي: منزل الكتب على محمد وعلى غيره.
((ومجري السحاب)): هذه آية كونية، فالسحاب المسخر بين السماء والأرض لا يجريه إلا الله عز وجل، لو اجتمعت الأمم كلها بجميع آلاتها ومعداتها على أن تجري هذا السحاب أو أن تصرف وجهه ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وإنما يُجريه من إذا أراد شيئًا قال له كُنْ فيكون.

((وهازم الأحزاب)): فإن الله عز وجل وحده هو الذي يهزم الأحزاب، ومن ذلك: أن الله هزم الأحزاب في غزوة الأحزاب، والتي قد تجمَّع فيها أكثر من عشرة آلاف مقاتل حول المدينة ليقاتلوا الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن الله تعالى: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا﴾ [الأحزاب: 25] ، فأرسل عليهم ريحًا وجنودًا زلزلت بهم وكفأت قدورهم وأسقطت خيامهم، وصار لا يستقرُّ لهم قرار، ريحٌ شديدةٌ باردةٌ شرقيةٌ حتى ما بقوا وانصرفوا، قال الله عز وجل: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾[الأحزاب: 25]، فالله عز وجل هو هازم الأحزاب، ليست قوة الإنسان هي التي تهزم، بل القوة سبب قد تنفع وقد لا تنفع، لكننا مأمورون بفعل السَّبب المباح، لكن الهازم حقيقة هو الله عز وجل.

ففي هذا الحديث عدة فوائد:

منها: أن لا يتمنى الإنسان لقاء العدو، وهذا غير تمنِّي الشهادة، تمني الشهادة جائز وليس منهيًّا عنه، بل قد يكون مأموراً به، أما تمني لقاء العدو، فلا تتمناه ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتمنوا لقاء العدو)).
ومنها: أن يسأل الإنسان الله العافية ؛ لأن العافية والسلامة لا يعدلها شيء، فلا تتمنَّ الحروب ولا المقاتلة، واسألِ الله العافيةَ والنصرَ لدينه، ولكن إذا لقيت العدو، فاصبر .

ومنها: أن الإنسان إذا لقيَ العدو فإن الواجب عليه أن يصبر، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(45)وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[الأنفال:45،46] .
ومنها: أنه ينبغي لأمير الجيش أو السَّرِيَّة أن يرفق بهم، وأن لا يبدأ القتال إلا في الوقت المناسب، سواء كان مناسباً من الناحية اليوميَّة أو من الناحية الفصليَّة، فمثلاً في أيام الصيف لا ينبغي أن يتحرَّى القتال فيه ؛ لأن فيه مشقَّة. وفي أيام البرد الشديد لا يتحرَّى ذلك أيضًا ؛ لأن في ذلك مشقة، لكن إذا أمكن أن يكون بين بين، بأن يكون في الربيع أو في الخريف، فهذا أحسن ما يكون.
ومنها - أيضًا- أنه ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم مُنزل الكتاب، ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)) .

ومنها: الدعاء على الأعداء بالهزيمة ؛ لأنهم أعداؤك وأعداء الله، فإن الكافر ليس عدوًا لك وحدك، بل هو عدو لك ولربك ولأنبيائه ولملائكته ولرسله ولكل مؤمن، فالكافر عدو لكل مؤمن، وعدو لكل رسول، وعدو لكل نبي، وعدو لكل ملك، فهو عدو ، فينبغي لك أن تسأل الله دائمًا أن يخذل الأعداء من الكفار، وأن يهزمهم، وأن ينصرنا عليهم والله الموفق.


* * *




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ansarsonna.com
 
تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 4 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تكملة شرح أحاديث رياض الصالحين باب التَّـــوبــة ( جـزء 3 )
» شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر  ( جـزء 4 ) شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
»  شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 3 ) شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
»  شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 2 ) شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
»  شرح أحاديث رياض الصالحين باب الصَّـبْــر ( جـزء 1 ) شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى جماعة أنصار السنة ببورسعيد :: العلوم الشرعية :: منتدى الأحاديث النبوية-
انتقل الى: