310454
عنوان الخطبة: الفقه بمكايد الشيطان
الشيخ: عبد الرحمن بن صالح الحجي
الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ للهِ, نحمَدُه ونَستعينُه, ونَستغفرُه ونَتُوب إليه, ونَعوذُ بالله من شُرور أَنفسِنا, ومن سَيِّئَاتِ أعمالنا, من يهد الله فلا مضِلَّ له, ومن يضلِل فلا هادي له, وأَشهَد أَن لا إله إلا الله وَحدَه لا شَريك لَه, وأشهد أن محمدًا عبد الله ورَسُولُه صَلّى الله عليه وسَلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد,
عباد الله, اتقوا الله تعالى حقّ التقوى, -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ - ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) ثُمَّ اعلموا أنّ أنفع الحديث و أصدق الكلام كلام الله عز و جل أنَّ أحسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم و أن شرّ الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.
أهلَ التوحيد, إخواني في الله ههنا باب عظيم من الفقه يتوقف عليه نجاة العبد في الدنيا و الآخرة و سعادته و توفيق الله له و لكن هذا الباب من بعد الصحابة رضي الله عنهم ثم القرون الفاضلة قلّ من يفقه فيه و يتفقه و يعلم الناس قلّ طارقوه و المطيفون به, و هذا الباب من الفقه باب عظيم وضحه الله بالقرآن و مدح الفقهاء فيه, آلا و هو إخواني في الله الفقه بمكايد الشيطان و حيله و أساليبه و ألاعيبه و حيل أفراخه و جنوده و أوليائه من الجن و الإنس نبه الله على ذلك و بينه أعظم بيان ثم استخف الشيطان طائفة كبيرة من بني آدم بسبب جهل هذا الباب و أوقعهم في أشياء عظام.
عباد الله من حكمة الله الباهرة, و ربُّنا الحكيمُ على كل حال, أن ابتلانا بالجهاد الأكبر مع عدوه الأكبر جهاد لا يتوقف مدى الأيام و الليلي بعدد الأنفاس و هذا الجهاد يستخرج الله به منا أشياء محبوبة له لولا هذا الجهاد ما خرجت, قال الله : (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ) من الشيطان و أوليائه ( وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) ثم كان من حكمة الله أن مكن عدونا بعض التمكين و مكننا نحن تمكينا آخر ثم ابتلانا لننظر كيف نعمل. من تمكين هذا العدو أنه يرانا هو قبيلته و ذريته من حيث لا نراهم, قال بعض السلف " لو كنت تختل صيدك و أنت ترى الصيد و الصيد لا يراك ما أسرع ما تصطاد ", كذلك هذا الشيطان قال الله : (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) و من التمكين له أنه يجري منا مجرى الدم و يصل منا إلى القلب و إلى المخ و يوسوس و يزين و هذا تمكينٌ له أعطانا الله ما يضاده قال عليه الصلاة و السلام و قد خرج من معتكفه يوصل زوجة من زوجاته في الليل إلى بيتها و مر رجلان فلما رأياه و معه المرأة تلكأ قليلا ثم مشيا قال ( على رسلكما ) إنَّ غسْل الظنِّ الذي يوقعه الشيطان في النفوس ينبغي أن يكون أولا بأول قبل أن يستثمره الشيطان ثم يصعب علاجه خشي عليه الصلاة و السلام أن يوقع الشيطان في قلوبهما ظنا فاسدا فقال ( على رسلكما, إنها صفية ) أي زوجته قالوا "سبحان الله يا رسول الله" قال (إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم و إني خشيت أن يوقع في أنفسكما شرا ) هكذا يكون العلاج أولا بأول قبل أن يتطور و من التمكين له أخزاه الله أنه سئل ربه أن ينظره إلى يوم يبعثون فأنظره الله لحكمته الباغة إلى اليوم الوقت المعلوم و له ذرية و أفراخ و شياطين و حيل و أساليب كلها موجودة في القرآن قال الله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) ثم يعاتبنا ربنا عتابا فيقول: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) بئس ما استبدلت أن تترك ولاية الله الرؤوف الرحيم بك ثم تتولى الشياطين أما التمكينات الّتي أعطانا الله إيّاها فمن ذلك أن الله بشرنا أنه على هذا كله كيده ضعيف كأد المرء كيد عظيم في الله القرآن و أما كيد الشيطان فهو كيد ضعيف و لكنه يتسلط على من هو أضعف منه قال الله : (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) و من البشارات الّتي أعطانا الله إياها قول الله عز و جل : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) و من التمكين الذي أعطانا الله إياه ذكر الله عز و جل قال الله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ - مَلِكِ النَّاسِ - إِلَهِ النَّاسِ - مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ - الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ - مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) شياطين الجن والإنس يوسوسون في صدور الناس حتى يزيغوهم عن الصراط المستقيم.
عباد الله كان و الله محمد صلى الله عليه وسلم و أصحابه أفقه الناس في مكايد الشيطان و ألاعيبه و حِيَله و ما ارتاح الشيطان في هذه الامة حتى ذهب ذلك القرن الفاضل فوسوس لهم فعدو على خليفة المسلمبن الصابر المجاهد الأواه عثمان بن عفان و ز ين لهم قتله و أن قتله من أعظم القربات عند الله انظروا كيف بلغت ألاعيبه ببعض البشر فقتلوه محسبا صارما تاليا للقرآن يبحثون عن الأجر ثم سلطهم على علي بن أبي طالب فقتلوه و زعموا أن قتله أثقل شيء في الميزان يوم القيامة ثم استخف الشيطان بهذه الأمة فاخذ يتجارى بهم يمينا و شمالا لما لعنه الله و طردة مذا قال (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) و لم يقل لهم لأقعدن لهم على صراطك لأن ضم هذا القعود معنى اللزوم أي لألزمن هذا الصراط و لا أدع أحدا يغلبني في الثبات عليه إلا إذا أعيتني الحيل و كان من عبادك المخلَصين (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ).
عباد الله كل قد وضح في هذا القرآن قال: -(ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) قال السلف من بين أيديهم نسيان الآخرة و ألا تكون من العبد على بال و طول الأمل و تسويف التوبة و من خلفهم الركون إلى الدنيا و زينتها و كأن العبد مخلد فيها هذه من وساوسه و تزيينه (وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ) من باب الطاعة إذا رأى الغبد استقام على طاعة الله جائه ذات اليمين فزين له حتى يزيد و يغلوا و يبغي قد يزين له العزلة في غير وقتها أو يزين له الخلطة في غير وقتها أو يزين له الجهاد و الحسبة في غير وقته و بدون شروطه أو يزين له أشياء فب العبادة حتى يخرجه عن الصراط (وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ) من باب المعاصي و الشرك و البدع (وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) قال: (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) و في الآية الأخرى قال الله له: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) ثمم قال الله: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) عبادي فيه إضافة إلى الله من حقق التوحيد و العبودية لله فليس للشيطان عليه سبيل و قال الله عنه: ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا - إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا - لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا - وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا - يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ) و قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا) عباد الله للشيطان حيل كثيرة فلله در عبد تفقه في حيله و أساليبه كما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأخذ الشيطان بالخناق و استعان بالله عليه فلا يزين له الشيطان في مكروه و يوسوس له إلاّ و قد عرف من أين أُتِيَ و سبب ذلك عباد الله قول الله عز و جل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ - إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) إن كثيرا من الناس لم يتخذ هذا القرار بعد لم يتخذ الشيطان عدوا مع أن الشيطان قد اتخ هذا القرار منذ لعن و طرد عادَ آدم و ذريته و بعض أبناء آدم لم يعادي الشيطان و من لم يعاده فهو مسترخ له مستسلم لأن النفس ما تنشط لمعرفة أساليب العدو حتى تتخذ قرار العداوة فمن الذي اتخذه عدوا ثم تحسس من أساليبه و ألاعيبه ثم حذر منه (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا - إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) إن أصحاب محمد فقهوا في ألاعيبه لما اتخذوه عدوا فكانوا يفقهون كل شيء يفعله و يوسوس به.
عباد الله من أساليبه النسيان, نسيانُ العلم, نسيانُ القرآن, نسيانُ الآخرة, نسيانُ ما ينفعك, كلها من أسبابه و هو يجري مجرى الدم قال الله: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) و قال الله: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) من أساليبه هذه الوساوس التي يحرج بها عباد الله و يوقعهم في الحرج حتى اشتكى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يوقع في قلوبهم وساوس يتمنى أحدهم أن يخر من السماء و لا تقع فس قلبه في ذات الله في وجوده في أسمائه في صفاته في عدله في قدره في شرعه يوسوس لهم هذا الخبيث, فقال عليه الصلاة و السلام الخبير به قال (الحمد لله الذي رد كيده للوسوسة من وجد ذلك فليستعذ بالله منه ولينته ) فإن هذا يكسف ألاعيبه ليستعذ بالله منه ولينته و ليحزم أمره و ليشتغل بما ينفعه فإن الشيطان إذا انكشف ترك هذا الأسلوب بإذن الله ثم بشر أصحابه بأن هذه الكراهية التي يجدها العبد هي محض الإيمان.
من أساليبه غير الوسوسة التزيين و كم أوقعنا في ذلك, تزيين الدنيا تزيين معصية الله تزيين البعد عن الله يقول الله: -(وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) نعوذ بالله من مثل حالهم أن يكون العبد مستبصرا ثم يزين له الشيطان سوء عمله فيصده عن السبيل اللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين.
من تزيينه ما قاله عليه الصلاة و السلام إن الشيطان أنه يعقد على ناصية احدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة منها عليك ليل طويل فارقد حتى يشغله عن الصلاة عما ينفعه عن التسبيح عن التهليل و ورائه قبر و ورائه صراط ورائه عرصات ورائه جنة و نار حتى يحترق الوقت و هو في نومته فأن العبد إذا قام انحلت عقدة من عقدة من عقد هذا الخبيث و إذا استسلم و استرخى استلذى لهذه العقد خسر و إذا قام فتوضأ انحات هذه العقدة ثم إذا إذا صلى انحلت العقد فأصبح نشيطا طيب النفس و أصبح الشطان خبيثا كسلانا قد خسر هذا العبد و أما إذا استسلم له فأصبح خبيث النفس كسلان.
عباد الله هذه العقد ليست في الصلاة فحسب يضربها عندما يريد العبد الصيام أو الحج أو الجهاد بلسانه و يده و قلمه.
يضربها عندما يريد العبد أن يطلب العلم يقول عمرك طويل تمتع بعمرك ثم اطلب العلم من بعد فإن قام و ذكر الله و عزم على ما ينفعه انحلت له العقد و إن استسلم ذهب عمره سدى. يضربها في كل باب م أبواب الخير عليك ليل طويل فارقد حتى ترقد ثم ترقد ثم تأتيك الرقدة الكبرى.
تمتع من سهاد أو رقـاد ..... ولا تأمل كَرًى تحت الرِجام
فـإن لثالث الحالين معنى ..... سوى معنى انتباهك والمنـام
أمامك النومة الكبرى, عباد الله فإذا ظفر بالإنسان في النسيان و في الوسوسة و في التزيين تحكم الخبيث فأخذ يأمر و ينهى قال الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) فإنه يصل إلى درجة أن يكون هو الآمر و الناهي قال: (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) يصل إلى درجة أن يأمرك و ينهاك لعظم سلطانه ثم يصل غلى الدرجة التي بعدها و هي أكثر ما تكون في المنافقين و في المبتدعة و في المشركين قال الله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) تزعجهم إزعاجا كما ترونهم الآن على صفحات الصحف تؤزهم الشياطين أزّا حتى تكلموا في ذات الرب و حتى نشروا الشرك و الفواحش و النفاق تزعجهم الشاطين من داخلهم حتى ينشروا هذا الفساد.
عباد الله, خطوات الشيطان حتى في المجتمعات رضي الشيطان منّا بأن نسكت حتى يختلط الرجال بالنساء ثم يسافرون إلى الخارج ثم تنحلُّ عرى الإيمان ثم يذهب الدين و نحن نتفرج, (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).
فيا عبد الله تأملوا آثار الصحابة ففيها عجب من العجب, عجب من العجب في كشف هذا الخبيث و الله ما سلطهم على مقتل عثمان رضي الله عنه إلا بعدما مات جمهورهم رضي الله عنهم قال ابن عمر رضي الله عنه "إن العبد إذا ركب دابته" و مثل ذلك الآن سيارته "قال له الشيطان تغنى " يصبح يقطع وقته بالتغني فإن لم يتغنى قال له تمنى فيقطع وقته بالأماني و الأحلام حتى ينتهي سفره أو مشواره هذا و الله هو الفقه, و قال ابن عمر و قد رأى جارية صغيرة ترقص و تغني قال "لو كان الشيطان تاركا أحدا لتك هذه." لكنه لا يترك أحدا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى.
فيا عبد الله حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) و تفقهوا في مكايده و تدبروا القرآن والسنة و آثار الصحابة فإنه إذا انكشفت ألاعيبه بدأ ييأس من العبد و يعرف أنه من العباد المخلَصين و ما يكشف ألاعيبه مثل صدق النية والإخلاص و التوحيد كما قال الله: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) وقال : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) اللهم اجعلنا منهم, اللهم اجلنا منهم, اللهم اجلنا منهم, اللهم أعذنا و ذرياتنا من الشيطان الرجيم , (رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) شياطين الإنس الذين كثروا و شياطين الجن (رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) -(وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم عليك بمن أفسد دين المسلمين و وسوس لهم و شككهم في دينهم ممن ينتسب إلى العلم زورا و بهتانا أو ممن أظهر النفاق عيانا بيانا أو من أوليائهم الذين يوحي إليهم الشيطان ليجادلوكم اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم فقه أمة الإسلام في ألاعيبهم و في حيلهم يا رب العالمين و حيل أستاذهم الأكبر إبليس اللعين اللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين اللهم نعوذ بك من تسويل الشيطان و همزه و لمزه و نفخه و وسوسته اللهم إنك إنك قلت -(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) نعوذ بك و نلتجئ إليه و نتوكل عليك أن تعيذنا و أن تعصمنا منه إنك أنت حسبنا و نعم الوكيل أقول ما تمعون و أستغفر الله لي و لكم فاستغفروه.
435347 435347 435347
607414