310454
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
أيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى، ثم اعلموا أنما هي اثنتان الكلام والهدي، فأحسن الكلام، كلام الله ، وأحسن الهدي هدي رسول الله ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها الإخوة في الله إن القلوب هي إلى الموعظة أحوج منها إلى الطعام والشراب بفقدان الطعام والشراب ربما فقدت حياة الأجساد، وبفقدان المواعظ والتذكير تفقد حياة القلوب، وهل خلقت النار إلا لإذابة هذه القلوب القاسية، وهذه القلوب الميتة، { لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الزمر:22].
إن القلوب بحاجة من الموعظة حتى تُكافح الشيطان الذي لا يدرك منها ما يريد حتى يُنسيها ذكر الله والدار الآخرة ثم يوسوس ويُزين ولولا المواعظ والذكرى استولى الشيطان واستحوذ على القلب فأنساه ذكر الله.
وإن الموعظة يا عباد الله كما قال أهل العلم: إن العبد إذا أراد أن يقطع شيئاً فلابد له من ثلاثة أمور أن تكون الآلة حادة، وأن تكون الوسيلة التي تُمسك في الآلة نافعة بأن تكون اليد قوية، وأن يكون المحل يقبل القطع عندها يُدرك الإنسان مراده.
فأما هذه الموعظة فمضمونها كلام الله  آلة نافعة بإذن الله للقلوب وأما وسيلتها فخطبة الجمعة لا نعلم مكاناً ولا وسيلة للموعظة والدعوة والذكرى أنفع ولا أحسن من خطبة الجمعة وقد نص الله في كتابه، وأمر بالسعي لها والإنصاف لها.
ولم يبقى إلا المحل الذي يقبل الموعظة والله  يقول: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:24].
روي أن شاباً كان عند رسول الله  فلما سمع هذه الآية قال: لا والله بل عليها أقفالها إلا أن يفتحها لله  من عنده، فأعجب به عمر فلما ولي الخلافة ولاه بعد ولايته علم أن فيه فقها.
وربنا إن قلوبنا عليها أقفالها إلا أن يفتحها الله من عنده وإنا نلهج إلى الله في هذا الوقت المبارك، الزمان المبارك، والمكان الطيب ومع نزول الغيث أن يفتح قلوبنا، اللهم افتح قلوبنا للمواعظ، اللهم أزل عنها أغلالها وأقفالها وطبعها يا رب العالمين، اللهم اجعل هذه الموعظة تأخذ بمجامع القلوب، وتؤثر فينا تأثيراً حتى نلقاك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[ق:1]، {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ}[ق:2]، {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}[ق:3]، {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ}[ق:4]، {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}[ق:5]، {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}[ق:6]، {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}[ق:7]، {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}[ق:8]، {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ}[ق:9]، {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}[ق:10]، {رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}[ق:11]، {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ}[ق:12]، {وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ}[ق:13]، {وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}[ق:14]، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}[ق:15]، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:16]، {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}[ق:17]، {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق:18]، {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[ق:19]، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}[ق:20]، {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}[ق:21]، {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[ق:22]، {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ}[ق:23]، {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}[ق:24]، {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ}[ق:25]، {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ}[ق:26]، {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ}[ق:27]، {قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ}[ق:28]، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق:29]، {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}[ق:30]، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}[ق:31]، {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}[ق:32]، {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ}[ق:33]، {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}[ق:34]، {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق:35]، {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ}[ق:36]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق:37]، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38]، {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}[ق:39]، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}[ق:40]، {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}[ق:41]، {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}[ق:42]، {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}[ق:43]، {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}[ق:44]، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}[ق:45].
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم اللهم اجعلها ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا اللهم اجعله يأخذ بمجامع قلوبنا يا رب العالمين، اللهم اجعله حجة لنا لا علينا، واجعله مؤنساً لنا في وحشتنا واجعله سائقاً لنا ودليلاً إليك وإلى جناتك جنات النعيم.
ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم نعوذ برضاك من سخط، وبمعافاتك من عقوبتك، ونعوذ بك منك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.

435347 435347
607414