حقيقة الحياة الدنيا

إنما الرزق الذي لا تطلبه ... يشبه الظل الذي يمشي معك
أنت لا تدركه متبعاً ... وهو وإن وليت عنه تبعك
***
وما أحسن ما قال سليمان بن الضحاك:
ما أنعم الله على عبده ... بنعمة أوفى من العافيه
وكل من عوفي في جسمه ... فإنه في عيشة راضيه
والمال حلو حسن جيد ... على الفتى لكنه عاريه
ما أحسن الدنيا ولكنها ... مع حسنها غدارة فانيه
***
وتوفي رجل من كندة فكتب على قبره هذه الأبيات:
يا واقفين ألم تكونوا تعلموا ... إن الحمام بكم علينا قادم
لو تنزلون بشعبنا لعرفتمو ... أن المفرط في التزود نادم
لا تستعزوا بالحياة فإنكم ... تبنون والموت المفرق هادم
سلوى الردى ما بيننا في حفرة ... حيت المخدم واحد والخادم
***
عن قليل أصير كوم تراب ... وتقول الرفاق هذا فلان
صار تحت التراب عظماً رميماً ... وجفاه الأصحاب والخلان
***
وما أحسن ما قال عبد الله بن طاهر:
أليس إلى ذا صار آخر أمرنا ... فلا كانت الدنيا القليل سرورها
فلا تعجبي يا نفس مما ترينه ... فكل أمور الناس هذا مصيرها
***
وقال شرف الدين بن أسد:
يا من تملك ملكاً لا بقاء له ... حملت نفسك آثاماً وأوزارا
هل الحياة بذي الدنيا وإن عذبت ... إلا كطيف خيال في الكرى زارا
وقال بعضهم:
وغاية هذي الدار لذة ساعة ... ويعقبها الأحزان والهم والندم
وهاتيك دار الأمن والعز والتقى ... ورحمة رب الناس والجود والكرم
وقال غيره:
حسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فأغررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
وقال آخر:
فإن كنت لا تدري متى الموت فاعلمن ... بأنك لا تبقى إلى آخر الدهر
***
مقيم بالحجون رهين رمس ... وأهلي راحلون بكل واد
كأني لم أكن لهمو حبيباً ... ولا كانوا الأحبة في السواد
فعوجوا بالسلام فإن أبيتم ... فأوموا بالسلام على البعاد
***
ولقد سألت الدار عن أخبارهم ... فتبسمت عجباً ولم تبدي
حتى مررت على الكنيف فقال لي ... أموالهم ونوالهم عندي