310454
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
درر من كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
- قال ابن الجوزى: حجَ الحسن بن علي رضي الله عنهما خمساً وعشرين حجة ماشياً والنجائب تُقاد معهْ وحجَّ الإمام أحمد بن حنبل ماشيا مرتين (و على كل ضامرٍ) قد ضَمَّرها طول السفر صاروا صابرين على مشاق الطريق بين صعود ونزول ومضيق، (وعلى كل ضامرٍ يأتين من كلِّ فجّ عميق). فارق القومُ ديارهم وتركوا مرادهم وجعلوا ذكره زادهم باينوا الخلائق، وتجردوا عن العلائق، تركوا المحيط، وأقبلوا على الملك المحيط، وإنّما أمروا بالتجريد ليدخلوا زيَ الفقراء فَبُيِّنَ اَثرُ، (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى). إخواني ! الحجُ حرفان حماء وجيم، فالحاء حلم المعبود، والجيم جرم العبيدْ تالله لقد جمعوا الخير الجمّ ليلة جمع، ونالوا المُنى إذ دخلوا في منى. ال المنى من حَلَ في وادي مِنى ... غيري فإني ما بلغتُ مُرادي وبكيتُ من ألم الفراق وشقوتي ... فبكى الحجيج بأسره والوادي رفعوا بأيديهم وضخوا بالبكا ... وضَمَمْتُ من حُزني يدي لفؤادي .
- لمّا حجّ جعفر الصادق - رضي الله عنه - أراد أن يُلَبّي فتغيّر وجهُه، فقيل له : مالك؟ فقال : أريد ان ألبَي وأخاف أن أسمعَ غير الجواب. وقف مُطْرِفٌ وبكرٌ بعرفَةَْ فقال : مطرِفٌ اللهمّ لا تردّهم من أجلي. وقال بكر: ما أشرفه من مقام لولا أنّي فيهم.
- وقَفَ الفضيل بن عياض فشغله البكاء عن الدعاء، فلما كادت الشمسُ أنْ تغرُبَ قال : واسوأتاه منك وإن غفرت. وقف بعض الخائفين على قدم الإطراق والحياء، فقيل له لم لا تدعو؟ فقال ثَمَّ وحشة، قيل: هذا يوم العفو عن المذنبين، فَبَسَط يده فوقع ميتاً مكانه. انزل الوادي بايمنِه ... فهو بالأحزان ملآنُ وارم بالطرف العقيقَ فلي ... ثمّ إطراب وأشجان.
- قال وُهَيْب بن الوِرْدِ: لقيت امرأةَ في الطواف وهي تقول بصوت حزين : إلهي ذهبت اللذات وبقيت التبعات، يا ربّ مالك عقوبةً إلاّ النار، أما في عفوك ما يسعني ؟. وحج الشبليُّ - رضي الله عنه - ماشياً على التجريد فلمّا رأى مكة انشد: اسُكّان مكة هذا الذي ... أراه عِياناً وهذا أنا ثم وقعع مغشيّاً عليه، فلمّا أفاق أنشد: هذه دارهم وانتَ مُحِبٌ ... ما بقاءُ الدموع نجي الآماقِ وقديماً عهدتُ أفنية الدارم ... وفيها مصارعُ العُشاق .
- حجّت امرأةٌ من العبّاد وهي تمشي وتقول : أين بيت ربّي ! أين بيت ربي ! فيقولون : الآن ترينَهُ، فلمّا لاح البيتُ قالوا: هذا بيت ربك، فجعلتْ تَشتدّ وتقول : بيت ربّي، بيت ربّي، حتى وضت جبهتها عليه فما رُفِعتَ إلاّ ميتة. اشتقتُ يا سفن الفلاة فَبَلِّغي ... وطربتُ يا حادي الرفاق فَغَنِّني إخواني ! أين من أضناهُ الشوقُ ؟ أين من أكمده الحُرق؟ أين لَذَعك الوجد؟ أين تأسّف البُعْدُ؟ أتظنُ الوُرْقَ في الأيك تغنّي ... إنّها تُضمر خزْناً مثل حزني لا أراك الله نجداً بعدها ... أيّها الحادي بنا إن لم تُغَنِّ هل تباريني على فرط الجوى ... في ديار الحُبِّ نشوى ذاتِ غُصْنِ هَبْ لها السبق ولكن زادنا ... أننا نبكي عليها وتُغَنَي يا زمان الخيف هل من دعوة ... يصح الدهر بها من بعد ضَنَ أرضينا بثنيّات اللوى ... عن " زرود " يا لها صفقة غبن سَلْ أراك الجزع هل مرّت به ... مُزْنَة تُروى ثراه غير جفني وأحاديث الغضا لوعلمت ... إنّما تملك قلبي قبل أذني يا خليليِّ بنجدٍ عَرَّجا ... وانزلا بالمنحنى إنْ كان يغني واندبا الأطلال قد كان بها ... جيرةٌ قد أخلفوا بالبعد ظَنِّي ضاع قلبي وابلائي بعدهم ... يا أصيحابي اسمعوا ما كان منّي طول ليلى ساهرٌ من بعدهم ... ونهاريّ في بكاءٍ ثم حزن؟ ما أدري ما الذي أهاج قلب الحزين، اَه من طول تفكر وأنين : أهاجك من أرض العراق يروقُ ... وأنتَ إلى أرض الحجاز مشوقُ تحنّ إلى لمجلى بروح شجيةِ ... ومالكَ فيما تبتغيه طريقُ فلا أهل ليلى يرحمون متيّماّ ... ومالكَ منهم في الديار صديقُ .
- حجّت امرأةٌ من العبّاد وهي تمشي وتقول : أين بيت ربّي ! أين بيت ربي ! فيقولون : الآن ترينَهُ، فلمّا لاح البيتُ قالوا: هذا بيت ربك، فجعلتْ تَشتدّ وتقول : بيت ربّي، بيت ربّي، حتى وضت جبهتها عليه فما رُفِعتَ إلاّ ميتة. اشتقتُ يا سفن الفلاة فَبَلِّغي ... وطربتُ يا حادي الرفاق فَغَنِّني إخواني ! أين من أضناهُ الشوقُ ؟ أين من أكمده الحُرق؟ أين لَذَعك الوجد؟ أين تأسّف البُعْدُ؟ أتظنُ الوُرْقَ في الأيك تغنّي ... إنّها تُضمر خزْناً مثل حزني لا أراك الله نجداً بعدها ... أيّها الحادي بنا إن لم تُغَنِّ هل تباريني على فرط الجوى ... في ديار الحُبِّ نشوى ذاتِ غُصْنِ هَبْ لها السبق ولكن زادنا ... أننا نبكي عليها وتُغَنَي يا زمان الخيف هل من دعوة ... يصح الدهر بها من بعد ضَنَ أرضينا بثنيّات اللوى ... عن " زرود " يا لها صفقة غبن سَلْ أراك الجزع هل مرّت به ... مُزْنَة تُروى ثراه غير جفني وأحاديث الغضا لوعلمت ... إنّما تملك قلبي قبل أذني يا خليليِّ بنجدٍ عَرَّجا ... وانزلا بالمنحنى إنْ كان يغني واندبا الأطلال قد كان بها ... جيرةٌ قد أخلفوا بالبعد ظَنِّي ضاع قلبي وابلائي بعدهم ... يا أصيحابي اسمعوا ما كان منّي طول ليلى ساهرٌ من بعدهم ... ونهاريّ في بكاءٍ ثم حزن؟ ما أدري ما الذي أهاج قلب الحزين، اَه من طول تفكر وأنين : أهاجك من أرض العراق يروقُ ... وأنتَ إلى أرض الحجاز مشوقُ تحنّ إلى لمجلى بروح شجيةِ ... ومالكَ فيما تبتغيه طريقُ فلا أهل ليلى يرحمون متيّماّ ... ومالكَ منهم في الديار صديقُ .
- قال ابن الجوزى: يا من لم يصل في هذا العام إلى " منى " اطلب " مِنَى " فمنَى المُنى إنْ لم تصل إلى عَرَفَه، فأقبل إليه بقلب عَرَفهْ. واعجباً لمن يقطع المفاوز ليرى البيت كيف لا يقطًع نفسه عن هواها ليصل إلى كعبته ويسعني قلب عبدي المؤمن. إليكَ قصديَ لا للبيت والحَجَرِ ... ولا طوافي باركانِ ولا اَثرِ يقال : إن يوم عرفة ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبيدي شُعثاً غُبراَ من كلِّ فج عميق، أشهدكم أنّي غفرتُ لهم، وفي لفظٍ لا يبقى يوم عرفة من في قلبه مثقال ذرّةٍ من إيمانٍ إلا غفر له.
- قال ابن الجوزى:لمّا اجتمع يوسف - عليه السلام - بأخيه يهوذا قال له : أخبرني عن حال أبي وقصّته : وما شَرَقي بالماءِ إلا تذكُرا ... لماءٍ به أهلُ الحبيب نزولُ وما عشتُ من بعد الأحبة سلوةً ... ولكنني للنائبات حَمولُ أما في النجوم السائرات وغيرها ... لعيني على ضوء الصباح دليلُ فقال : كيف أصف لكَ حاله وقد ذهبَ بَصرُهُ من البكاء عليك فلا يشتهي إلاّ لقاءك، فبكى يوسف بكاءً شديداً وقال : ليت أمّي لم تلدنيْ يا صاحبي إنْ كنتَ لي أو معي ... فقم إلى أرض الحمى نرتعِ واسأل عن الوادي وأربابه ... وانشُد فؤادي في رُبا المجمع واسمع حديثاً قد رَوَتْهُ الصَّبا ... تسنده عن بانة الأجرع وابكِ فما ني العين من فضلةٍ ... وَنُبْ فَدَتكَ النفسُ عن مدمعي .
- قال ابن الجوزى: يا واقفاَ في الصلاة بجسده والقلبُ غائب، أتدري بين يدي من أنت قائم؟ أتدري من اطلع عليك ما يصلح ما بذلتَه من التعبد مهراً للجنة فكيف ثَمَناً للمحبة؟ْ رأت فاْرة جَمَلاً فأعجبها، فَجَرَتْ بخطامه فتبعها، فلمّا وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال : إمّا أن تتَخذي داراً تليقُ بمحبوبك أو محبوباَ يليقُ بداركْ خُذْ من هذا إشارة إما أن تُصَلِّي صلاةً تليقُ بمعبودك أو معبوداً يليقُ بصلاتك. يا مَنْ وافق القوم، ولو بعض يوم، لك في طريقهم ذوق، فأين الشوق؟ كنتَ تدّعي حُبَّنا وتؤثر الشوق منّا، فما هذا الصبرُ الذي عَن عَنّا؟ تعرفُ رياح الأسحار، وما تعرفُ المهبّ ، ولكن دخل فصلُ برد الفتور ولم يحترز فأصابك ركام الغفلة. يا صاحبيّ أطيلا في مؤانستي ... وناشداني بِخلاني وعُشاقي وحَدِّثا في حديث الخيف إنّ له ... زوجاً لقلبي وتسهيلاً لأخلاقي ما ضَرَّريح الصبا لونا سَمَتْ حُرقي ... واستنقذت مهجتي من أَسْرِ أشواقي داءٌ تقادم عندي من يعالجُهُ ... وَحيَّةٌ لَدَغت قلبي من الراقي يمضي الزمانُ وآمالي مصَرَّمةٌ ... مِمَّنْ أُحِبُ على مَطْلٍ وإملاقِ واضيعة العمر لا الماضي انتفعتُ به ... ولاحَصَلْتُ على شيءٍ من الباقي .
- قال ابن الجوزى: يا مَنْ ذهب عمره في البَطالةْ، ورضيَ من الدنيا بأقبح حالَةْ، معمور الظاهر والباطن مهدوم، يا معاسر العُصاة لا تحتقروا ذنباً وإن صَغُر، فإنّ الحشيش يفتل منه الحَبْل فيخنق الفيل المغتلم، أول الحريق شرارة، يا من يُذنب ولا يتوبُ يا من أعمت قلبَهُ الذنوبُ، يَعِدُ بالتوبة ولا وَعْدَ عُرقوب، إلى متى تتعثر في ظلمة البعادْ وعدْ نفسك بتوبةٍ واعزم وقد حَصَّلْتها. وَعَدْتَ نفسكَ توبةً ... اعِزم وقد حَصَلْتَها إلى متى تتعثر في ظلمة الميعاد، قد صاح بوقُ رحيلك، وحُطَتْ أطنابُ الخيم، وما نرى لك مركب، وما نرى لك زاد، جمعت مالكَ - لعيرك والدار يسكنها العدوُّ، ناظرتَ خطَّ ابن مقلة، غلِظْتَ في بُوجاد. فيا مشتاقين أين شوقكم إلى ما فارقتم؟ وأين توقكم إلى ما ألفتم ؟ يا قيس المحبة مُتْ على قبر ليلى : خذا من صبا نجدِ أماناً لقلبهِ ... فقد تهاد ريّاها يطيرُ بِلُبِّهِ وإيّاكُما ذاك النسيمُ فإنَهُ ... إذا هَبَّ كان الموت أَيْسَر خَطْبهِ خليليَّ لو أحببتما لعلمتُما ... مَحَلَّ الهوى من مغرم القلب صَبَّه.
522794
607414